وقولوا للناسِ حُسنا

كثيراً ما تطل علينا دورات التنمية البشرية بمواضيع مهمة وملفتة عن اسرار التواصل الفعّال مع الآخرين وكيفية التأثير والطرق السحرية  لصيد قلوب من حولنا ويتركز الهدف الذي يربط كل هذه العناوين وما يماثلها من اسماء شهيرة لا تعد ولا تحصى ولكن المضمون هو واحد وان اختلفت اشكال الاوعية المزخرفة والمبهرجة ، حيث ان الهدف هو جلب احترام ومحبة الآخرين لنا ، ولا ننكر عمق اهمية هذا الهدف الراقي ، نجد الطرق والخطوات الواحدة تلو الأخرى لنيله .

 

في هذا الموضوع سأختصر لكم الطريق وأبسّط لكم الوصول له من خلال التمعن قليلاً بقوله تعالى : " وقولوا للناس حسنا" فهذه الحروف المباركة القليلة تفك كل الشفرات السرية لجلب الهدف المنشود

 

والقول الحسن هو كما قال امامنا الباقر عليه السلام : " وقولوا للناس حسنا " : قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يُقال لكم  

 

ومن اهم ما تدعو له التنمية البشرية هو الحديث الايجابي مع الآخرين والتلطف بالأقوال والافعال، ولتقليص الفجوة بيننا وبين الآخرين يجب الابتعاد عن التركيز على الامور السلبية واستبدالها بالتركيز على الامور الايجابية ونقاط التلاقي والانسجام فعند التقاء هذه النقاط  تشتعل جذوة التفاهم وتبرق صاعقة الود والمحبة التي تحرق كل ما يبدد الود والتآلف بين الناس ومن بين ما يؤدي هذا الغرض هو المرونة واللين واتساع الافق في التفكير والتحليل للأحداث والمواقف التي مرت بنا وكما قال الامام علي عليه السلام: "يُدرك بالرفق ما لا يُدرك بالعنف". وعنه سلام الله عليه ايضاً انه قال : "الرفق مفتاح النجاح"  فلكل باب مفتاح ومفتاح الود ومحبة الآخرين هو الرفق واللين في التعامل واختيار الكلمات المناسبة لكل موقف .

 

ومن جميل ما قرأت عندما قيل للصادق (ع) : ما حدُّ حُسن الخلق ؟ . . قال : تليّن جناحك ، وتطيّب كلامك ، وتلقى أخاك ببشرٍ حسن.

 

وهذه الكلمات هي افضل دورة تنير العقول وتحمل اسرار التواصل الفعّال ، فلين الجناح يهتم بلغة الجسد أي ان يتخذ الانسان عند الحديث مع الآخرين تعابير التواضع والرفق ويبتعد عن التكبر من خلال طريقة الوقوف او حركات اليدين وكذلك اللين في نظرات العيون فلين الجناح يشمل مشاعر داخلية تنعكس على السلوك الخارجي ، ومن ثم الانتباه لما تتلفظ به من كلمات وكما قال رسولنا الكريم عليه افضل الصلوات والتسليم " الكلمة الطيبة صدقة " فللكلمة قوة لا حدود لها من تحسين العلاقات او تهديمها ، ثم ننتقل للأمر المهم جداً لما له من تأثير سحري لا يقاوم الا وهو البشر الحسن أي الابتسامة التي ترسمها على محياك عند لقاء اخيك في الله فالابتسامة تزيل العوائق وتبني جسور الجمال والتآلف قربة لوجه الله سبحانه وتعالى .

 

ونختم مع قول أمير المؤمنين عليه السلام): مَنْ لاَنَ عُودُهُ كَثُفَتْ أَغْصَانُهُ ( اي من حسُنت اخلاقه وطابت عشرته واتخذ أئمة الهدى نوراً ونبراساً له سيتخلق بأحسن الاخلاق وبالتالي تكثف اغصانه اي سيكثر محبيه ويلتف حوله اصدقاؤه واعوانه .

 

بهذه الكلمات نختم موضوعنا الذي يجعلنا نرتقي جميعاً لما هو خير لنا ولمن حولنا . 

السابق

من لا يتقدّم...يتقادَم

التالي

إدارة الضغوط في الصبر والثبات