8هويتي
ألقت العولمة و الانفتاح الثقافي ظلالها على حياتنا اليومية بكل تفاصيلها , وباتت ذئابها تنهش في جسد مجتمعنا دون رقيب أو حسيب , وفي خضم أمواج التغيير و أمام رياحه العاتية لابد أن تثبت هويتنا الاسلامية كالجبال الشامخة غير آبهة بالعواصف التي تحاول أن تقتلع صخورها .
وقبل أن نخوض في غمرات الموضوع دعونا نعرّف الهوية ...
ما هي الهوية ؟
إن "هوية" أي كيان "فردي أو جماعي" هي مجموعة الخصائص والصفات والأفكار التي يُعرف بها، وتظلُّ حاضرةً في شعوره، وتمثِّل المرجع لعقيدته وخلُقه وسلوكه وتعامله، فالهوية هي جوهره الذي يميزه، ومحوره الذي يدور حوله .
فالمسلم تنبع أفكاره من دينه الاسلامي وسلوكه مستمد من شريعته السمحاء وعاداته نتيجة حتمية لتربيته وقناعاته التي اكتسبها في أطوار حياته المتعددة من طفولة وشباب وكهولة , وما يدعو للاستغراب عند رؤية مسلمين بلا اسلام ومتدينين بلا دين , فأينما تولي وجهك تبصر عيناك قصات غربية للشعر, وملابس بطبعات أجنبية وزينة برموز ماسونية ناهيك عن الأفكار الملوثة التي تسربت إلى ثقافتنا نتيجة لعوامل عدة منها على سبيل المثال لا الذكر(لا الحصر) :
- الصورة المشوهة للإسلام والتي تعمل عليها أجندات كبرى لرسمها بألوان قاتمة مستعملة أدوات وأجهزة عدة .
- الانبهار بالتطور التكنولوجي والانفتاح الغربي ومحاولة التشبه بهم .
- الإعلام وما يقوم به من محاولات لا يمكن نكران تأثيرها وصداها المدوي في عقول الشباب .
- ترويج الأفكار الغربية بقوالب وأغلفة مزركشة من قيم ومبادئ المحبة والحرية و ....
- اللامبالاة واستصغار ما نمر به من نخر لعقائدنا ,ففي مدينة مقدسة ككربلاء انتشرت أشجار الميلاد وتماثيل لما يسمى بابا نؤيل دون أن يكترث أحد لخطورة ذلك الأمر .
فما هو الحل؟ و أين يكمن؟ وما هي مسؤوليتنا اتجاه ما نمر به من طمس لهويتنا وسهام تدمي صدر اسلامنا ؟؟؟.
إن ايجاد البدائل المناسبة لما يروجه الغرب من أفلام و ألعاب وموسيقى تستهوي قلوب الكثير هي مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الدول والحكومات الاسلامية, وهذا لا ينفي مسؤولية الفرد في انتقاء وترشيح ما يشاهده ويسمعه على الرغم من تدني مستوى البديل من الناحية الفنية والتكنولوجية .
كما أن انعاش الضمير والوازع الديني هي عملية تشترك بها المؤسسات الدينية والفرد الذي آثر الآخرة على الدنيا ,و تأتي من خلال تقوية الارتباط بالخالق سبحانه وتعالى والاستسلام لقوانينه التي فرضها على البشر لتخليصهم من الرذائل الجسدية والمعنوية والروحية .
وقد تساهم تنمية المواهب والهوايات في شغل أوقات الفراغ وتحجيم وطأة الضربات القاسية للعولمة .
إضافة إلى هذا كله فلا ينبغي لنا أن نجلس مكتوفي الأيدي ملجومي الألسن في عقر دارنا منتظرين ما ستؤول له أمور أولادنا وأحفادنا من انحراف عن جادة الصواب وسباحة في فلك المعاصي فعلى العاقل أن يستثمر النواحي الايجابية للانفتاح كتصدير الأفكار الإسلامية الصحيحة بدل استيراد الدخيلة منها والخارجية , و تثبيت مراسي الايمان في شواطئ عقول شبابنا بطرق تنموية حديثة مستلهمة من الخزين الذي لا ينضب من أحاديث وروايات لأهل بيت النبوة (عليهم السلام) والتي تراعي رغباتهم واحتياجاتهم وتروي تعطشهم لكل جميل